هل وصف شيخ الإسلام ابن تيمية النووي بالإمام ؟
هل وصف شيخ الإسلام ابن تيمية النووي بالإمام ؟
كتب الشيخ محمد بن شمس الدين بحثًا طويًلا تفصيليًا في عقائد النووي وجاء بأحكام السلف على أصحاب تلك العقائد فخرج أحدهم عن الرد التقليدي المعروف =السب والشتم والافتراء] وقرر أن يبحث عن كلمة النووي في كتب شيخ الإسلام فوجد في كتابه الإيمان الأوسط وصف النووي بالإمامة ففرح بها وخرج يرد بها على الشيخ محمد ! والحق أن هذه الكلمة هي من الجزء الأخير في كتاب الإيمان الأوسط لابن تيمية وهذا القسم من الكتاب لا يثبت عنه رحمه الله وتأميم النووي في هذا الكتاب هو من ضمن التتمة التي طعن عليها العلماء.
وقبل الشروع في هذا،هل فعلا تقبلون كلام شيخ الإسلام ابن تيمية ؟
فقد قال” وأيْضًا فَيُقالُ لِهَؤُلاءِ الجَهْمِيَّة الكُلّابِيَة – كَصاحِبِ هَذا الكَلامِ أبِي مُحَمَّدٍ وأمْثالِهِ – كَيْفَ تَدَعُونَ طَرِيقَةَ السَّلَفِ وغايَةُ ما عِنْدَ السَّلَفِ: أنْ يَكُونُوا يُبَيِّنْهُ غَيْرُهُ حَتّى جَعَلَهُمْ فِي قَمْعِ السِّمْسِمَةِ.(مجموع الفتاوى ٤/١٥٨)
فهذا ابن تيمية يصف العز بن عبد السلام وأصحابه بأنهم جهمية كلابية فهل تقبلون هذا الكلام ؟
نرجع لبحثنا ، يقول الشيخ عبد العزيز عبد اللطيف:-
” تتمة كتاب الإيمان الأوسط :
حقق د. علي الزهراني كتاب الإيمان الأوسط، وبذل جهداً مشكوراً في دراسته
والتعليق عليه، والذي يهمنا أن كتاب الإيمان الأوسط طبع ناقصاً – كما في مجموع الفتاوى
لابن قاسم وغيره- ثم إن الباحث عثر على زيادة تصل إلى سبع وعشرين صفحة
وجزم أنها تكمل النقص، وأنها تتمة لكتاب الإيمان الأوسط.
لكن الباحث مع هذا الجزم والقطع لم يورد أدلة على هذه الدعوى! اللهم إلا أنه
احتج بأن في هذه الزيادة نصوصاً من رسالة الحسبة لابن تيمية، وليس هذا دليلاً
معتبراً، إذ يحتمل أن هذه النصوص والنقول لخصها أحد تلاميذ ابن تيمية – أو النشاخ –
من رسالة الحسبة، ومما يؤكد أن هذه النقول من تلخيص التلاميذ، ما جاء في الزيادة: [وكان شيخنا يقول: الشريعة المحمدية]
وأما قول الباحث: «أننا إذا لم نقل بذلك فالكتاب يعتبر ناقصاً. » وهذا تعليل عليل! واللائق حذفه، فمتى كان مجرد نقص الكتاب مبرراً أو مسوغاً أن يلحق به ما ليس
متحققاً منه؟!
ثم إن هذه النسخة الخطية التي فيها تلك الزيادة- والتي جعلها المحقق هي
الأصل- حافلة بالأخطاء، بل إن المحقق يرجح في مواطن متعددة ما جاء في النسخة
الخطية الأخرى- بدون تلك الزيادة- ومطبوع ابن قاسم، وهذا بين ظاهر لمن طالع
الكتاب وحواشيه.
ومما يشكك في هذه الزيادة أن الصفحات العشر الأولى منها تغاير نفس ابن تيمية، ولا تنسجم مع أسلوبه ولا منهجه، فهي نقول متناثرة غير متسقة، ولا يظهر فيها
تحقيق ولا تحرير، ولا يبدو صلتها لا بموضوع الإحسان، ولا بمسائل الأسماء والأحكام
عموماً – وهو موضوع الكتاب-، إضافة إلى أن هذه الصفحات على سبيل الإجمال ليس
لها -حسب إطلاعي – ذكر أو ورود في مؤلفات ابن تيمية الأخرى.
وجاء في التتمة أثر الفضيل بن عياض: (أخلصه وأصوبه) مسنداً لأبي القاسم القشيري، ومقالة القشيري في تعريف الإخلاص)، وهذا لا يتفق مع سائر مؤلفات ابن
تيمية، فإن أثر الفضيل قد تكرر في غير موطن من مؤلفات ابن تيمية دون هذا العزو)،
ولم يعهد عن المؤلف الاحتفاء بمقالة للقشيري، وإنها المعهود عنه أنه انتقد القشيري
ورسالته كما جاء مبسوطاً في كتاب الاستقامة.
فجاء في التتمة أثر علي – ، وأطلق عليه «الإمام»، ولم يعرف عن ابن تيمية استعمال ذلك، وإنها يصف عليا * بأمير المؤمنين .وأورد في التتمة قوله تعالى: «واتقوا الله ويعلمكم الله *
[البقرة، آية: ٢٨٢]، واحتج بها على أن التقوى وخشية الله سبب حصول العلم، وهذا خلاف ما قرره ابن تيمية بقوله: «وقد شاع في لسان العامة أن قوله تعالى:
«واتقوا الله ويعلمكم الله » دليل على أن التقوى سبب تعليم الله، وأكثر الفضلاء
يطعنون في هذه الدلالة؛ لأنه لم يربط الفعل الثاني بالأول ربط الجزاء بالشرط، فلم يقل:
واتقوا الله يعلمكم، ولا قال فيعلمكم، وإنما أتى بواو العطف، وليس من العطف ما
يقتضي أن الأول سبب الثاني..» .
كما أن في التتمة طعناً في حديث «الدنيا ملعونة..» كما في العبارة التالية: «وكيف
يصح أن الدنيا ملعونة، وليس من رزق، ولا من نعمة، ينالها العبد إلا على ظهرها» .
وهذا منقوض بقول المؤلف رحمه الله -: (وهذا معنى ما يروى عن النبي ﷺ أنه قال: (الدنيا معلونة ما فيها، إلا ذكر الله وما والاه). رواه الترمذي وغيره» . إضافة إلى أن النصوص المأخوذة من رسالة (الحسبة)، إنما هو مجرد نقل مع تقديم وتأخير، واختصار وتصرف يسير، فلا تضيف فائدة، ولا تعطي مزيداً أو قدراً زائداً عما في (الحسبة)، وهذا خلاف المعهود من تراث ابن تيمية، فإن المسألة الواحدة وإن تكررت أصلها في غير موطن، إلا أن لكل موطن ما يخصه ويميزه في أسلوبه ومادته.. وهذا يؤكد أن هذه النقول المنتقاة من (الحسبة) إنما هي تصرف النساخ أو بعض التلاميذ كما سبق الإشارة إليه.”هــ ..