سعدون أن يقول بأن عون بن يوسف الخزاعي يقول بإسلام القائل بخلق القرآن
يريد سعدون أن يقول بأن عون بن يوسف الخزاعي يقول بإسلام القائل بخلق القرآن
أما بعد:
وما يقصده فهي ما أورده أبو بكر المالكي:
أخبرني سليمان بن سالم عنه (يعني عون بن يوسف الخزاعي)، قال: كنت جالسا عنده، فأتاه ثلاثة من المبتلين، فقالوا: مات عندنا رجل يقول بخلق القرآن، فما نصنع به؟ فقال: إن وجدتم من يكفيكم مؤنته فلا تقربوه، فسكتوا ثم أعادوا السؤال ثانية فأجابهم بمثل الأول. ثم أعادوا السؤال ثالثة، فأجابهم بمثل ذلك، فقالوا: لا نجد من يكفينا مؤنته. فقال لهم: اذهبوا فواروه من أجل التوحيد.
قال سليمان: يريد تغسلونه وتكفنونه وتصلون عليه وتدفنونه.اهـ
رياض النفوس في علماء طبقات القيروان وإفريقية [ج1/ص386] ط-الغرب الإسلامي
وأوردها القاضي عياض اليحصبي في ترتيب المدارك [ج4/ص90-91] ط-فضالة
فهم يستدلون على أن من السلف من ترك تكفير من قال بخلق القرآن.
أولا: أن هذه الرواية لا يعلم صحتها فمصنف رياض النفوس أبو بكر المالكي لم أقف على من وثقه من أئمة الحديث. وهو ينقل عن أبي العرب عن شيخه سليمان بن سالم المعروف بابن الكحالة فأين هذا صحة الإسناد إلى هذا النقل.
ثانيًا: عون بن يوسف الخزاعي رجل من أهل المغرب أثنى عليه ابن وضاح وترجمه أبو العرب التميمي في طبقات علماء إفريقية [ص105] ط-الكتب اللبناني ووثقه وأثنى على دينه وصلاحه.
لكن مع ذلك فمن الذي أثنى عليه في علمه بالسنة وبالآثار وبالاختلاف وجعله في مصاف الأئمة الذين يقتدى بهم بل هو رجل صالح في نفسه بالكاد يعرف!
فهل بمثل قوله ينقض الإجماع وترد عشرات النقولات عن الأئمة الكبار الأفذاذ الذين ملأ علمهم الدنيا وبلغ جهادهم وصلابتهم في السنة وذبهم عنها آفاق الأرض وأطبقت القرون المتعاقبة على ذلك؟! كمالك وابن مهدي والقطان وأحمد وغيرهم.
وكلهم ينصون أن الكفر كفر أكبر مخرج من الملة وينصون على ترك التوريث والصلاة عليه والدفن مع المسلمين ما يدل على أن القائل بهذا القول يكفر بعينه متى ما ثبت عنه القول بذلك.
فأقول وأعيد: كيف يذكر قول الخزاعي هذا مع قول هؤلاء الأئمة ويعارض به أقوالهم؟
وكذلك من يأتي بكلام أبي نصر السجزي أو غيره من المتأخرين ليثبت وقوع الاختلاف بين أهل السنة في نوع كفر المخلوقية وأن من العلماء من نص أن كفرهم ليس بأكبر ناقل من الملة. فلا يفعل ذلك إلا من خلع ثوب الحياء أولاً ثم الاتباع ولزوم غرز الأوائل.
وصدق الإمام أبو سعيد الدارمي رحمه الله حين قال: إن الذي يُريدُ الشذوذَ عن الحق يتبعُ الشَّاذَ من قول العلماء، ويتعلق بِزلاتهم، والذي يَؤُمُّ الحقَّ في نفسه، يتبعُ المشهورَ من قول جماعتهم، وينقلب مع جمهورهم، فَهُمَا آيتان بَيِّنَتَان يُسْتَدَلُّ بهما على اتباع الرَّجُلِ، وعلى ابتداعه.
الرد على الجهمية [ص 118] ت-الشوامي
وكان الإمام أحمد يذاكر رجلاً، فقال له الرجل: قال عطاء، فقال: أقول لك: قال ابن عمر، وتقول: قال عطاء، من عطاء، ومن أبوه؟!
ونحن نقول من الخزاعي هذا الذي تعارضون به إجماعات أئمة الإسلام الكبار؟!
ثالثًا: هذه الرواية -كلام الخزاعي- فيها أنه توقف في هذا الرجل ثلاثًا يقول: (لا تقربوه) وهؤلاء المتعلقون بهذه الراوية لا يرتضون مثل هذا القول، بل لا يكاد يكفر عندهم أحد، والجميع معذورون إما بجهلهم إن كانوا من العامة أو بفضلهم وورعهم وتقواهم وإرادتهم الصواب وسعة بحار حسناتهم وأنها تغمر كل سيئة وزلة مهما بلغت، وأنهم كانوا يريدون الحق ولكنهم أخطئوه. فأمثال هؤلاء الناس لا يترددون في جواز الصلاة عليه ودفنه مع المسلمين إن لم يوجبوا ذلك.
وأخيرًا يقال: أن توقف عالم ما في تكفير رجل ما من في وقت ما لعارض أو مانع ما منع من تكفيره يكون خروجًا على الأصل والذي هو التكفير، فلا يعارض الأصل بما وقع الاستثناء فيه.
زيادة في أمر أبي بكر المالكي:
هو رجل مجهول بشكل عجيب، لا نعرف الكثير عنه. قال محمد محفوظ:
500 – المالكي (بعد 453 هـ) (1061 م).
عبد الله بن محمد بن عبد الله المالكي، أبو بكر، الفقيه المؤرخ صحب أبا بكر بن عبد الرحمن وهو الذي كان يقرأ عليه الميعاد، وانتفع به وكان هو ممن بقي مع أبي عبد الله محمد بن العباس الخواص، وأبي عبد الله الحسين بن عبد الله الأجدابي، وجماعة من العلماء بعد خراب القيروان، والعجب أن المعلومات قليلة جدا عنه.
له: رياض النفوس في طبقات علماء القيروان وإفريقية وزهادهم وعبادهم ونساكهم وسيرهم وأخبارهم وفضائلهم وأوصافهم في 3 أجزاء، يوجد منه جزءان.
حقق الجزء الأول منه ونشره الدكتور حسين مؤنس/القاهرة 1951) وحققه البشير البكوش بمراجعة محمد العروسي المطوي.
ويقع في ثلاثة أجزاء والثالث والأخير للفهارس، صدر منه جزءان عن دار الغرب الإسلامي ببيروت سنة 1983.
تراجم المؤلفين التونسيين [ج4/ص246] ط-الغرب الأسلامي
قلت: وهذه الترجمة القصيرة هى المنتشرة عنه عند المؤرخين المعاصرين الذين لم يسبقهم أحد بالترجمة له.
ومن العجيب أنهم قدروا زمن وفاته في عام: 453 للهجرة كما تقدمت بالنقل عن محمد محفوظ، وكما ذكر الزركلي في ترجمته في الأعلام [ج4/ص121-122] ط-العلم للملايين
وكما أيضا ذكره عمر رضا كحالة في معجم المؤلفين [ج6/ص129] ط-المثنى
وكما ذكر
بينما عون الخزاعي مات سنة: 150 للهجرة، وأبو بكر المالكي هذا يروي عن سليمان بن سالم عن عون الخزاعي.
إذا افترضنا أن أبو بكر من المعمرين في الأرض وعاش مائة سنة، وسليمان بن سالم عاش أيضا مائة سنة، فسيكون لدينا أكثر من مائة سنة أخرى بينهما وبين عون الخزاعي، فكيف يكون هذا معقولا!
وإذا فرضنا صحة الرواية رغم ما تقدم معنا من دلائل بطلان سندها؛ فإنها لا تحمل على القول بإسلام القائل بخلق القرآن، فقد تقدمت بذكر أن عون توقف أكثر من مرة في حكم الرجل وهذه دلالة على كونه لا يقول بإسلامهم، وقولهم بأن يواروه لأجل التوحيد أي: لأنه منتسب للقبلة (وإن كان على غير الإسلام) وليس هناك من يقوم به، فقال أن يدفنوه لعدم وجود من يقوم به، فهو انتسب للملة.
ولم يقل بالتغسيل أو الصلاة عليه، وإنما هذا قول سليمان الذي تقدم معنا أن بينه وبين عون أزيد من مائة عام، فكيف يعتد بتوجيهه لكلام رجل لا يعرفه!
وإننا لنفصل لنبين السقوط المنهجي الشامل بمحاولات عبثية لرجل حقير يتلاعب ولا يرد، وكل هذا باسم الدفاع عن شيخه وها هو ينبش يمينا وشمالا بحثا عما يعضده وإن كان بهذه المهزلة.